تؤثر الأزمة المستمرة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بشكل مباشر على أداء حكومة كردستان، وسط تحذيرات من أن استمرارها قد يقود إلى استقالة أعضاء الاتحاد من الحكومة.
ويقاطع أعضاء الاتحاد الوطني منذ نحو ثلاثة أشهر جلسات مجلس الوزراء، وأعمال الحكومة، رفضا لما يعتبره الحزب الذي يقوده بافل طالباني احتكار آل بارزاني لسلطة القرار والتمييز الذي يمارس بحق محافظة السليمانية (معقل الاتحاد).
ووجه مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، رسالة إلى الرأي العام الكردي، لم تخلو من اتهامات لقيادات في الاتحاد الوطني، متمسكا بفتح تحقيق في قضية اغتيال العقيد هاوكار جاف الضابط في جهاز مكافحة الارهاب التابع للاتحاد.
وتلمح قيادات كردية إلى أن عملية اغتيال العقيد التي جرت قبل أشهر قليلة تندرج في سياق تصفية حسابات داخل الاتحاد الوطني، وهو ما ترفضه قيادة الأخير.
وقال بارزاني إنه طُلب منه التستر على ملف عملية اغتيال جاف التي وصفها بالإرهابية، مشيرا إلى أنه طرح تشكيل لجنة مشتركة مع المسؤولين في السليمانية بحضور طرف ثالث دولي لاجراء تحقيقات نزيهة وحيادية بشأن مقتل العقيد.
واتهم بارزاني بشكل ضمني قيادات في الاتحاد باستغلال المنافذ الحدودية لتحصيل مكاسب شخصية، وقال في رسالته إنه منذ ما يقارب العامين، كانت هناك مشكلة في تحصيل الإيرادات وجمعها وخسارة الأموال في البنوك المتاخمة للسليمانية وكرميان وحلبجة ورابرين، وإن حكومته فتحت تحقيقا في هذا الموضوع، بتشكيل لجنة من وزارة المالية والداخلية، لكن جوهر هذه المشكلة هو أن بعض الأفراد والأطراف يشاركون في عملية تحصيل الدخل من هذه الحدود لمصلحتهم الخاصة.
وتأتي اتهامات بارزاني بشكل متزامن مع تسريبات صوتية منسوبة لملا بختيار، عضو المجلس السياسي للمصالح العليا في الاتحاد الوطني، تتهم قادة ومسؤولين كبارا في داخل الاتحاد بالاستيلاء على إيرادات المعابر الحدودية، وأثارت تلك التسريبات ضجة كبيرة في إقليم كردستان.
وحمّل بارزاني الذي يعرف “بالأخ الأكبر” أفرادا وأحزابا ومسؤولين، في إشارة على ما يبدو إلى قادة الاتحاد الوطني، المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بالمواطنين والمؤسسات الحكومية.
ونفى رئيس حكومة كردستان ممارسة سياسة التمييز والتفرقة بين المناطق والمحافظات في الإقليم الواقع في شمال العراق، والذي يحظى بحكم ذاتي منذ تسعينات القرن الماضي، مؤكدا أنه ينظر بالتساوي إلى إقليم كردستان بأكمله ويحمل المسؤولية أمام جميع مواطني الإقليم في جميع المحافظات والإدارات المستقلة.
ويرى مراقبون أن تصريحات بارزاني لا تخدم جهود تطبيع العلاقات بين الحزبين، مشيرين إلى أن حدة الخلافات بين الطرفين قد تؤدي بالنهاية إلى العودة إلى نظام الإدارتين المستقلتين، على غرار الحكومتين إبان الاقتتال الداخلي الذي حدث في التسعينات من القرن الماضي.
وتتمحور الخلافات بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني حول إدارة الإقليم والعائدات المالية المتأتية من النفط والغاز، والمنافذ الحدودية.
ووصف ستران عبدالله، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، الحكومة الحالية بحكومة الأزمات وأنها لم تنجح في أداء مهامها، ولم تتمكن من تنفيذ البرنامج الذي أعدته، ولم تنفذ الإصلاحات المطلوبة. كما لم تتمكن من توحيد جوانب الحكم في إقليم كردستان.
وأضاف عبدالله أن الحكومة الحالية لم تتمكن أيضا من تنفيذ مهامها الوظيفية تجاه شعب كردستان، كما أنها لم تتمكن من إرضاء شركائها في الحكومة، لافتا إلى أن مسرور بارزاني لم ينجح ولم يتمكن من تنفيذ برنامجه الحكومي، ولم يوحد الحكومة وحتى لم ينجح في قيادة الفريق الحكومي.
وقال عضو المكتب السياسي “إذا قارنا بين رئيس الوزراء الحالي مع رؤساء الحكومات الماضية فإن التاريخ يستطيع حسم هذه المقارنة، لكن الحزب الديمقراطي لم ينجح في اختيار رئيس الوزراء الحالي”.
Source: Independent Press Agency